AbdëĿlahi Nöüři

الخميس، 19 ديسمبر 2013

قصة قصيرة..وممتعة.. مع الشاب المتميز عبد الهادي ولد منيا

قصة قصيرة..وممتعة.. مع الشاب المتميز عبد الهادي ولد منيا


مع نفس الصباح الأول ، قرب ذاك الكوخ الصغير ، يخرج الفلاح إلى حقله ،كأنه سابق الطير ، ليتفقد سنابل الحياة .. وأمل الغد .. ويبدا يوما جديدا من النشاط ، بين زرعه المتماوج الراقص على عزف النسيم ، وينتظر قدوم الاولاد ليشدوا عضده ، على متن مواجه الخضراء ، وبعد هنيهة ، ينظر هنالك ، الأب وأولاده في ذلك الطرف، يسقون تلك السنابل ، ويذودون عنها الطير، وفي الطرف الآخر صوت ضحك ، تسقيه البراءة ، الصغار كالرانب يقفزون 
ويلعبون ، يبدو يوما حقليا جميلا ، يوما طبيعيا ..
هكذا تمضي الأيام ، وتمضي السنابل تلبس من حليها الذهبي، ويأتي الفلاح ، يبادلها النظرات ، وبسمته العريضة ، تبشر السنابل بزفاف حصاد قريب..  بعد لحظة : ينتبه الفلاح ، يحس بيوم غريب.. فلا الأولاد قدموا ، ولا صوت البراءة يداعب الأزهار!! ما ذا جرى ؟! يقلب نظره يمينا وشمالا ، يرفع بصره كي يرى شيئا .. هناك في تلك الناحية يبصر خيالا بعيدا ، وفي الطرف الآخر غمامة رمادية ، الغمامة تدنو.. والخيال يبتعد.. يترقب بحذر ، وطبول قلبه تقرع ، الغمامة تدنو ومعالمها تظهر شيئا فشيئا .. آااه آاااه .. إنـها غيمة جراد!! الفلاح يصرخ، ينادي ، تعالى يا جراد ، كلني أنا ، ودع حقلي لأولادي، لكن الجراد يعرف وجهته، يبقى الفلاح متفرجا ما له حيلة.. وكأن الجراد يأكل من جسده، يغادر الجراد وقد عبث في سنابل الحياة ، إلا ما رحم ربك ، ليبقى الحقل لوحة خضراء عبث فيها الأصفر ، يواصل الجراد طريقه إلى ذاك الخيال المتباعد ؛ فجأة استفقت من حلمي مذعورا .. آااه ىااه .. ما هذا الحلم الطويل المخيف ..!! أنظر إلى الساعة.. إنها تشير إلى الساعة السادسة مساء توضأت وصليت ؛ حتى البيت غريب هذا اليوم !! بحثت في الداخل.. وجدت أمي !! أين إخوتي .. ؟! أخوااتك مع بنات الجار .. الصغار ذهبوا في نزهة، ومحمد مع صديقه .. وخالد لا أدري إلى أين ذهب.. !! إذن لا أحد في المنزل .. ارتديت ملابسي، خرجت لا أدري إلى أين..!؟ لكن أحسست بشيء يدفعني إلى الخروج ، أحس بشيء غريب. في ظل يوم غريب.. خرجت والليل يرخي سدوله .. انطلقت مع أحد شوارع المدينة ، وبجانبي يمر شاب بزي غريب ومشية عجيبة ، كبطريق على جليد استراليا.. وآخر في طرف الطريق يحرك "كمي دراعته" البيضاء كأنه يحاول الطيران.. وهنا أمامي صغير يتبختر في بدلته كتحفة ضائعة من "اللوفر"  ، وخلفي عجوز منحن على عصاه، كأنه يتلثم بعمامته السوداء عن متاعب الحياة.. !!


واصلت مسيري ، الحركة قليلة والليل هادئ، أتابع خطواتي وأنظر، لا شيء إلا مصابيح الطريق منحنية ، بضوئها الأصفر ، تبكي..! ولا أحد يرى دموعها، والتراب ودر حصبائها اشعث أغبر، يحكي قصة سفر طويـل..! واصلت طريقي فإذا عمود سامق وحيد يعترض طريقي ، رفعت بصري معه مشفقا عليه.. فإذا العلم يرفرف في السماء وحيدا ، ولا أحد يؤنسه سواي أو بدر السماء..!! اقتربت منه وقفت بجانبه ، نظرت إليه بتمعن.. كان كأنه يريد أن يقول لي شيئا ، أو يهمس في اذني ، لكن سناء هلاله ونجمته المتعالية في السماء ، وصوته المبحوح لم يمكني من سماعه، واصلت نظري إليه ، فإذا خضرته الجميلة يخترقها اصفرار.. توحي إلي بشيء، نعم!! تذكرت ، إنه حلمي الغريب!! نعم! كأنه يحكي قصة ابنائه، رعاهم واضاعوه ، قدم الكثير فنسوه .. وتجافوا عنه ، يخبر وبحذر ، وقسمات الرحمة والشفقة تبدو في محياه ، وكأنه يقول : أبلغ أبنائي السلام ، فأنتم بي وأنا بكم، وما زال لدي الكثير لكم، ولكن لي عليكم الكثير.. 

1 التعليقات:

أحــــســــنــــت بارك الله فيك

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More